ماله لقوم وله بير ماشية، فيريدون أخذ ثلث البير مع ثلث المال، قال: لهم ثلث المال، ولا أرى لهم في البير شيئا لأنها لا تباع ولا تورث، وإنما فيها الشرب لأصحابها ولمن وردها من الناس بعدهم. قلت: أفلا يكون لهم ثلث الشرب مع الورثة، وأن يبدأوا به قبل الناس؟ قال: لا. ليس لهم من الشرب قليل ولا كثير؛ لأنها لا تباع ولا تملك، فكذلك ليس له أن يوصي به لأحد أرأيت لو أوصى بها كلها وصية مسماة أيجاز لملك له؟ وقاله أصبغ وهو الحق. والميت كان فيه كغيره من ورثته، وليس يأخذونه ميراثا، إنما يأخذونه بحقه كالحبس عليه وعلى ولده، وغير مال هو له مؤثل.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن بير الماشية التي تحتفر في البراري والمهامة، محمولة عند مالك، على أنها إنما تحتفر للصدقة، فيكون حافرها أحق بالتبدئة بالشرب، ويكون الفضل لجميع الناس، لا يمنعه من أحد، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ» ولو أشهد حافرها عند حفره إياها أنه إنما يحفرها لنفسه، لا للصدقة، لكان ذلك له، وكان أحق بالفضل يورث عنه، وتجوز وصيته فيها، وإن ادعا ذلك بعد حفرها ولم يشهد، لم يصدق عند مالك.
وقد مضى تحصيل القول في هذا في رسم الأقضية الأول، من سماع أشهب من كتاب النداء والأنهار وبالله التوفيق.
[مسألة: قتل عمدا فأوصى بثلث ماله ثم قبل أولياؤه الدية بعده]
مسألة قال: وسمعت ابن القاسم وسئل عمن قتل عمدا فأوصى بثلث ماله، ثم قبل أولياؤه الدية بعده، وعفوا عن القتل، أتدخل وصيته