يصلي كيفما أمكنه، ولا يترك الصلاة حتى يخرج وقتها جملة، وستأتي هذه المسألة في آخر سماع موسى وبالله التوفيق.
[مسألة: يصلي في بيته فدخلت عليه شاة فأكلت ثوبا أو عجينا أيطردها]
مسألة وسئل عن الذي يصلي في بيته فدخلت عليه شاة فأكلت ثوبا أو عجينا، أيطردها ينحرف إليها؟ قال مالك: إن كان في المكتوبة فلا يفعل.
قال محمد بن رشد: قال هاهنا فلا يفعل، ووقع من قوله في سماع موسى بن معاوية فلا يقطع، ولا يؤدي ذلك إلى اختلاف.
وإنما المعنى في ذلك أنه يتمادى على صلاته ولا يشتغل فيها بطرد الشاة عن ثوبه أو عجينه إن كان طردها يسيرا لا تفسد عليه به صلاته، ولا يقطع أيضا صلاته لطردها على ذلك إن كان في طردها عنه شغل كثير تفسد عليه به صلاته.
ولم يفرق مالك في هاتين المسألتين بين أن. يكون الذي يخشى عليه من فساد ثوبه أو عجينه ما له بال وقدر وقيمة أو ما لا بال له ولا قدر لقيمته. وإلى الفرق بين ذلك ذهب ابن القاسم في سماع موسى عنه فقال في الرجل يخطف رداؤه وهو يصلي إنه لا بأس أن يقطع ويذهب في طلب ردائه ثم يستأنف صلاته.
وقال في الذي يخاف على الشيء من متاع البيت أن ينفسد مثل زقاق الزيت والخل يخاف عليها أن تنشق ما دل على أنه يسعه أن يسويها ويصلحها ويتمادى على صلاته، خلاف ما ذهب إليه مالك من كراهة الاشتغال في صلاته بنحو هذا، وهو أظهر عندي من قول مالك؛ لأنه إن ترك ذلك الشيء يفسد وله قدر وقيمة كثيرة وتمادى في صلاته ولم يشتغل بإصلاحه دخل عليه من اشتغال باله بتلفه وفساده ما هو أشد عليه من اشتغاله بتلافيه وإصلاحه ورفع الفساد عنه، مع ما في ذلك من إضاعة المال الذي قد نهى عنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.