مسألة قال: وسأله ابن كنانة فقال له: إن رجلا كان يلي يتامى في حجره، فاشترى حائطا، ذكر حين اشتراه أنه إنما اشتراه لأيتامه بثمن قمح إلى أجل معلومة، فأقام الحائط في يديه زمانا يستغله للأيتام كل سنة، معلوما ذلك عند الناس، حتى اجتمع لهم في يده من غلة ذلك الحائط مال كثير، ثم خيف على وليهم الإعدام، أفترى لبائع الحائط في مال الأيتام حقا؟ فقال له: هذا مثل الذي يشتري بالدين ويقول: إنما اشتريته لأيتامي هؤلاء. فلا يلزمهم ذلك، فقال له ابن كنانة: إن الحائط الذي اشترى من البائع قائم بعينه في أيدي الأيتام، وقد اجتمع لهم في يد وليهم من غلته مال كثير، فيرجع البائع على ماله حيث وجده، أم على المشتري لولي الأيتام؟ فقال له: أليس كتاب الدين على اسمه؟ فقال: بلى، فقال: ما أرى أن يتبعهم الآن ولكن يبدأ هو به فيتبعه بذلك، فإنه الذي لا شك فيه، ولا يتبعهم بذلك، فقيل له: إن ذلك أبغضها إلى البائع، فقال: ذلك الذي أرى إلا أن يرفعوا ذلك إلى القاضي، فيكشف عن ذلك، ويسأل عنه كله، وينظر فيه، فأما ولي الأيتام فليتبعه البائع.
محمد بن رشد: لا يجوز للوصي أن يشتري بالدين على أيتامه، لوجهين: أحدهما: أنه قد يهلك ما اشتراه لهم بالدين، فيطلبون بالثمن عند حلوله، وتباع عليهم فيها أموالهم إن كانت لهم أموال أو تتبع بها ذمتهم إن لم تكن لهم أموال. والوجه الثاني: أن ما يشترى بالدين يزاد فيه على القيمة، ولا يجوز أن يشترى لليتامى شيء بأكثر من قيمته، فإن فعل، نظر السلطان في ذلك، فإن رأى أن يمضيه على اليتيم أمضاه عليه، وإلا رده، على ما قال في