للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها لهم، وقالوا: لا علم لنا لمن هي. قال مالك: إذا شهدوا على الحدود ثبتت شهادة الذين شهدوا أنها لهم ورأيتها لهم.

قال القاضي: هذا كما قال من أن الشهادة في الأرض على الملك تلفق إلى الشهادة فيها على الحد؛ لأن المعنى في ذلك إنما هو في الأرض المشهورة المعلومة المسماة المنسوبة التي تتميز بالنسبة والتسمية عن سواها عند من عرف حدودها، فإذا قال الشهود: نعلم الأرض الفلانية لفلان ولا نحدها. وقال غيرهم: نحن نعلم حدودها ولا ندري لمن هي وجب أن تلفق الشهادة في ذلك، إذ لا يقدح في علم من شهد أنها لفلان جهله بحدودها، ولا يقدح في علم من شهد بمعرفة حدودها جهله بمالكها، وهذا في التمثيل كالحرم الذي يعلم الفقهاء تحريمه والحكم بما يلزم فيه مما لا يلزم، ويجهلون حدوده، ويعلم غير الفقهاء من أهل الحرم حدوده، ويجهلون أحكامه، فيصح امتثال أمر الله تعالى فيه بتلفيق شهادتهم، إذ لا يقدح في معرفة من علم أحكامه الجهل بحدوده، ولا في معرفة من علم حدوده الجهل بأحكامه، فكذلك مسألتنا في الأرض يصح الحكم بها لمن شهد بملكها بتلفيق الشهادة على الملك إلى الشهادة على الحدود، وهذا بين لا خفاء به وبالله التوفيق.

[: حرق كتب الخصومات التي طال عهدها]

ومن كتاب أوله حلف ألا يبيع رجلا سلعة سماها قال مالك: وقد كان قاض في زمن أبان بن عثمان بن عفان رفع إليه كتب قد تقادم أمرها والتبس الشأن فيها، فأخذها فأحرقها بالنار، فقيل لمالك: أيحسن ذلك؟ قال: نعم، إني لأراه حسنا، هذه أمور لا أدري ما هي.

<<  <  ج: ص:  >  >>