في دين سيده ليعتقه صواب، لأن كل من أعطى شيئا منه إنما قصد العون في عتقه، لا الصدقة عليه. وهذا هو مذهب مالك وقوله في المدونة في المكاتب يعان في كتابته فيفضل له من ذلك فضله، وبالله التوفيق.
[كراهة القضاء وولاية بيت المال]
في كراهة القضاء وولاية بيت المال قال ابن القاسم: حدثني من أثق به عن غير واحد عن مكحول الدمشقي أنه كان يقول: لو خيرت بين القضاء وبين بيت المال لاخترت القضاء، ولو خيرت بين القضاء وضرب عنقي لاخترت ضرب عنقي.
قال محمد بن رشد: إنما اختار القضاء على بيت المال وإن كان ضرب عنقه أخف عليه من القضاء من أجل أن التخلص من القضاء عسير، لأن التخلص من بيت المال وإن كان أيسر من التخلص من القضاء ففي ولاية بيت المال تعريض بنفسه لسوء الظن، لأنه إذا- ولي على بيت المال لم يأمن أن يتهم فيه. ومن الحظ للرجل أن لا يعرض نفسه لسوء الظن، وأن يتوقى من ذلك جهده. وقد رأى رجل النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع صفية فقال: هذه صفية. وقد مضى هذا المعنى في رسم التسليف في الحيوان المضمون من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.
[العبادة قد يمنعها الرجل فيكون ذلك خيرا له]
في أن العبادة قد يمنعها الرجل فيكون ذلك خيرا له وقال ابن القاسم: سمعت سليمان بن القاسم وغيره ممن أثق به يقول: بلغني أن الرجل ليريد أن يبلغ وجها من العبادة فيمنعه الله إياه نظرا له، ولو بلغها لكان فيها هلاكه.