قال محمد بن رشد: إنما رأى عليه الأدب في تملكه المسلمة، وعذره في قوله: أنا مسلم، لما خاف العقوبة على اشترائه المسلمة بصدقه في ذلك، ولم يجعل قوله: أنا مسلم، إسلاما يراه بالرجوع عنه مرتدا، وهذا مثل ما في رسم الأقضية، من سماع يحيى بعد هذا، من قول ابن القاسم خلاف قول أشهب: إنه لا عذر له في مثل هذا، ويقتل إن لم يرجع إلى الإيمان، وبالله التوفيق.
[: النصراني واليهودي يتزندق]
ومن كتاب بع ولا نقصان عليك قال في النصراني يوجد على الزندقة قال: شرك وزندقته.
قال محمد بن رشد: قد قيل في النصراني واليهودي يتزندق: إنه يقتل؛ لأنه خرج من ذمة إلى غير ذمة، وأنه إن أسلم يقتل كالمسلم يتزندق ثم يتوب؛ أنه يقتل ولا تقبل توبته، روي ذلك عن ابن الماجشون وبعض الأندلسيين على ما حكى أبو بكري بن محمد، وذلك ظاهر في المعنى؛ إذ ليس للزنديق ذمة، إذ لا يصح أن تؤخذ منهم الجزية؛ لأنها إنما تؤخذ من أهل الكتاب بالقرآن، ومن المجوس بالسنة، وفي سماع أصبغ بعد هذا في الساحر من أهل الذمة، إذا عثر عليه أنه يقتل إن لم يسلم، والسحر بمنزلة الزندقة، فيتحصل في النصراني يتزندق ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنه يترك وزندقته. والثاني: أنه يقتل وإن أسلم. والثالث: أنه يقتل إلا أن يسلم، وأما الزنادقة من المسلمين فالحكم فيهم أن يقتلوا من غير استتابة، بخلاف المرتدين، واختلف في ميراث من تزندق من المسلمين يقتل على زندقته، هل يكون ميراثه لجماعة المسلمين، أو لورثته من المسلمين؟ وكذلك يختلف في ميراث من تزندق من النصارى واليهود، فقتل على زندقته على قول من يوجب عليه القتل، هل يكون ميراثه لجماعة المسلمين، أو لورثته من أهل الدين الذي كان عليه.