للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت تعتريه من شدة وجده على يوسف، لما كان يوسف منه، فأين رؤيا يوسف؟ يقينا بأنها ستخرج على ما تأولها عليه، وذلك أن يوسف لما قال له: {يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤] تأول أن إخوة يوسف، وكانوا أحد عشر رجلا، وأبويه سيسجدون له، أعلمه الله بذلك، فقال: {يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: ٥] يقول: يحسدونك ظنا منهم، فكان حقا، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: ٥] أي بين العداوة. ثم قال له: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} [يوسف: ٦] أي يصطفيك ربك، وهو الإخبار بالنبوءة. وهو شيء أعلمه الله يعقوب، أنه سيعطي يوسف النبوءة. وقوله {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} [يوسف: ٦] قيل: تعبير الرؤيا، وقيل: عواقب الأمور التي لا تعلم إلا بوحي النبوءة. {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف: ٦] بالنبوءة {وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ} [يوسف: ٦] . أعلمه أنه سيعطي أولاد يعقوب النبوءة كلهم.

[ما يخشى على محتكر الطعام من فساد نيته]

فيما يخشى على محتكر الطعام من

فساد نيته قال: وسمعت رجلا كان عنده طعام كثير، فغلا الطعام، فأتى الناس يغبطونه بذلك، قال: فإني أشهدكم أنه للناس بما أخذته. وقال: أبجوع الناس تغبطوني.

قال محمد بن رشد: في قوله: هو للناس بما أخذته، دليل على أنه اشتراه للحكرة، ولم يصبه من حرثه. ومعنى ذلك أنه اشتراه في وقت لا يضر شراؤه بالناس، إذ لو اشتراه في وقت يضر شراؤه بالناس، لكان ما فعل من إعطائه لهم بما اشتراه به، هو الواجب عليه، إذ لا اختلاف في أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة في وقت يضر احتكاره بالناس، وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>