الثالث» فقيل له فإن كانوا أربعة قال: لا بأس بذلك، معناه لا بأس أن يتناجى الاثنان منهم دون الاثنين وإن كان الاثنان لا يتناجيان. وأما أن يتناجى منهم الثلاثة دون الواحد فلا يجوز لوجود معنى الكراهية في ذلك التي من أجلها كان النهي.
وقد قيل إن ذلك إنما يكره في السفر وحيث لا يعرف المتناجيان ولا يوثق بهما ويخشى الغدرة منهما. ومن حجة من ذهب إلى ذلك ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية عبد الله بن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة أن يتناجى اثنان دون صاحبهما» وهذا لا حجة فيه، إذ ليس في النهي عن ذلك في السفر ما يدل على إباحته في الحضر، فالصواب أن تحمل الأحاديث التي ليس فيها ذكر السفر على عمومها في السفر والحضر.
ويحتمل حديث عبد الله بن عمر الذي فيه ذكر السفر على تأكيد النهي عن ذلك في السفر، بدليل قوله فيه: لا يحل. فإذا خشي المتناجيان دون صاحبهما أن يظن بهما أو يخشى منهما أنهما يتناجيان في غدره فلا يحل لهما أن يتناجيا دونه، كان ذلك في السفر أو في الحضر. وإذا أمن ذلك فهو مكروه لهما من أجل أن ذلك يحزنه ويسوؤه، كان ذلك أيضا في السفر أو الحضر، وبالله التوفيق.
[وصية لقمان لابنه]
في وصية لقمان لابنه قال: وقال لقمان الحكيم لابنه: جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء.