قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في أول رسم من سماع عيسى، ووجه القول في هذا أن بيع الجزاف الأصل فيه أن يباع كيلا أو وزنا رخصة وتوسعة، أجازته السنة، فلا يجوز أن يباع مع مكيل في صفقة واحدة؛ لأن ذلك غرر، وخلاف لما أجازته السنة، اتفق على هذا مالك وجميع أصحابه اتفاقا مجملا، وفي ذلك تفصيل؛ أما ما الأصل فيه أن يباع كيلا أو وزنا من جميع الأشياء، فلا يجوز بيعه جزافا مع مكيل منه، ولا مما الأصل فيه أن يباع جزافا كالأرضين والثياب؛ وكذلك الجزاف مما أصله أن يباع جزافا، لا يجوز بيعه مع المكيل منه، اختلف في بيعه جزافا مع المكيل، مما أصله أن يباع كيلا؛ فأجاز ذلك ابن زرب، وأقام إجازته من السلم الأول من المدونة؛ لأنه أجاز فيه أن يسلم في ثياب وطعام صفقة واحدة؛ ومنع من ذلك غيره مع المتأخرين، وما ذهب إليه ابن زرب هو الصحيح؛ ولا خلاف في جواز بيع الكيلين في صفقة واحدة، والجزافين في صفقة واحدة، ولا في جواز بيع الجزاف مع العروض في صفقة واحدة؛ إلا عند ابن حبيب؛ فإنه ذهب إلى أن الجزاف مما أصله أن يباع كيلا أو وزنا، لا يجوز بيعه مع العروض في صفقة واحدة، وهو بعيد؛ وسيأتي في رسم البيع والصرف، من سماع أصبغ القول في بيع الجزاف والجزافين على الكيل، وما يجوز من ذلك مما لا يجوز، فهو موضعه إن شاء الله تعالى.
[مسألة: المجذوم المملوك يبيعه صاحبه]
مسألة وسئل مالك عن المجذوم المملوك، أترى أن يبيعه صاحبه؟ قال: لا بأس بذلك، قيل له: أفيكاتبه؛ قال: لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن جذامه لا يخرجه من