زيد: إنما أصبح فؤاد أم موسى فارغا من الوحي الذي أوحى الله إليها أن تلقيه في اليم، وقال لها:{وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}[القصص: ٧] فنسيت عهد الله إليها بذلك؛ لأن الشيطان أنساها ذلك، فقال لها: يا أم موسى كرهت أن يقتل فرعون موسى فيكون لك أجره وثوابه وتوليت قتله فألقيته في اليم وغرقته، فحزنت لذلك فنسيت عهد الله إليها أنه يرده إليها ويجعله من المرسلين. وقد قيل: معناه: أنه أصبح فؤاد أم موسى فارغا من الحزن لعلمها أنه لم يغرق ابنها بما وعدها الله به.
فهي ثلاثة أقوال: أحدها: هذا. والثاني: أنه أصبح فارغا ممن عدى الحزن على ابنها. والثالث: أنه أصبح فارغا من الوحي، وكذلك اختلف في الهاء من قوله:{إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ}[القصص: ١٠] ، فقيل: إنها عائدة على ابنها، إن كادت لتقول: يا بنياه من شدة الحزن عليه، وقيل: إنها عائدة على الوحي الذي أوحي إليها به في أمره إن كادت لتبديه، وقيل: إنها ضاق صدرها لما نسب إلى فرعون، فقيل: هو ابن فرعون، فكادت تقول: هو ابني، فتبدي به وتخبر بأمره وتظهره، وبالله التوفيق.
[الاستنجاء بالأحجار]
في مرور العمل بترك الاستنجاء بالأحجار قال مالك: وبلغني أن ابن شهاب قال لابن هرمز، وكان يكلمه، فقال له ابن شهاب: نشدتك الله، أما علمت أن الناس كانوا يتوضئون فيما مضى ولا يكونون يستنجون بالماء؟ فسكت ابن هرمز فلم يجبه بشيء، فقيل لمالك: لم؟ قال: لم يحب أن يقول له نعم، وهو أمر قد ترك فتركه ولم يجبه.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في أن من اكتفي في استنجائه بالأحجار دون الماء فصلى أن صلاته تامة ولا إعادة عليه في وقت ولا غيره؛