للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[: من غير دينه فاقتلوه]

ومن كتاب إن خرجت من هذه الدار وحدثني ابن القاسم، عن الليث بن سعد، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي: أن أبا بكر الصديق استتاب امرأة من بني فزارة، من قيس يقال لها: أم قرفة، ارتدت عن الإسلام، فلم تتب فضرب عنقها.

قال محمد بن رشد: إنما جاء هذا الحديث حجة على أهل العراق في قولهم المرأة: إن ارتدت تحبس وتكره على الإسلام ولا تقتل. وروي ذلك عن ابن العباس والحسن، وقالوا: إنها إن أسلمت لم تسترق كالرجل يرتد ثم يتوب. وقال الحسن: إن أسلمت كانت أمة للمسلمين، مثل الحرة تسبى.

والصحيح أنها تقتل إن لم تسلم؛ لأن قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من غير دينه فاقتلوه» عام يتناول الرجال والنساء، وقد روي عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الاستتابة في امرأة ارتدت، واستدل أهل العراق لما ذهبوا إليه من أن المرتدة لا تقتل بنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن النساء من كفار أهل الحرب، وهذا لا حجة فيه؛ لأنهن إنما لم يقتلن لأجل أنهن لا يقاتلن، بدليل قوله في الحديث؛ إذ وقف على المرأة المقتولة ما كانت هذه تقاتل، فالمرأة إذا لم تقاتل لم تقتل، وإذا قاتلت قتلت، وكذلك الرجل أيضا إذا علم أنه ممن لا يقاتل كالرهبان وشبههم لم يقتل، فلا فرق في هذا بين الرجال والنساء إلا أن الرجل محمول على أنه يقاتل حتى يعلم أنه ممن لا يقاتل والمرأة، محمولة على أنها لا تقاتل

<<  <  ج: ص:  >  >>