ولو أكرى منه الدابة إلى مكة بعلفها، أو كل يوم بدرهم أسرع في السير أو أبطأ فيه، لم يجز باتفاق؛ ولو أكراها منه إلى مكة بعلفها، أو كل يوم بدرهم على أن يسير سير الناس المعتاد لجاز ذلك باتفاق، فالخلاف إنما هو إذا وقع الكراء مبهما دون بيان، فحمله في هذه الرواية على الظاهر من الوصول إلى مكة، قرب أو بعد فلم يجزه، وحمله في المدونة على الوصول على السير المتعارف فأجازه؛ لأنه إذا كان المعروف عند الناس أن الوصول إلى مكة على السير المتعارف يكون على التمثيل في شهر، فكأنه إنما أكرى منه إلى مكة بثلاثين درهما أو بعلف ثلاثين ليلة، فوجب أن يكون ذلك جائزا، وبالله التوفيق.
[مسألة: احتساب أجرة ما انقضى من كراء المنزل]
مسألة قيل له: أرأيت من تكارى منزلا شهرا بكذا وكذا، فما سكن فبحساب ذلك؟ قال: لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: قوله فما سكن فبحساب ذلك، يريد أن له أن يخرج متى ما شاء، ويلزمه فيما سكن بحساب ذلك، فعلى هذا يكون الكراء في الشهر لازما لصاحب المنزل غير لازم للساكن، وفي ذلك اختلاف قد مضى القول فيه في أول رسم من سماع ابن القاسم، وفي رسم الشجرة، وفي رسم باع غلاما منه، ولو لم يكن الكراء لازما لواحد منهما في الشهر لجاز باتفاق، كمن أكرى داره مشاهرة، وقد مضى القول على هذا في رسم حبل حبلة من سماع عيسى من كتاب كراء الدور والأرضين، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.