قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قال: إنه إذا ادعى عليه الغصب أو الإيداع فأنكر ذلك، ثم ماتت الأمة، فأقام المدعي البينة بعد موتها بما ادعاه من الغصب أو الإيداع، أو أقر بذلك على نفسه؛ أنه ضامن. ولو تداعيا فيها، ولم يدع أحدهما على صاحبه فيها غصبا ولا إيداعا فماتت، ثم أثبت أنها له، ولم يثبت غصبا ولا إيداعا، لم يلزمه ضمانها باتفاق. ولو ادعى عليه الغصب أو الإيداع، فأنكره ثم ماتت، فأقام البينة بعد موتها؛ أنها له، ولم يقم البينة على ما ادعاه من الغصب أو الإيداع، يتخرج ذلك على قولين؛ فقف على افتراق هذه الوجوه الثلاثة، وقد مضى بيان ذلك في نوازل سحنون، من كتاب الرهون، وبالله التوفيق، لا رب سواه، اللهم لطفك.
[مسألة: يعمر في أرض أبيه أو مولاه حتى يهلك]
ومن كتاب شهد على شهادة ميت وعن الرجل يعمر في أرض أبيه أو مولاه، حتى يهلك أو الختن يعمره في أرض ختنه، ولا يأتي بينة على هبة ولا عطية. قال ابن القاسم: أما الولد فلا شيء له، إلا أن يأتي ببينة على عطية أو صدقة أو هبة، وأما المولى والختن فإنهما مثل الأجنبيين، إذا عمروا أو غرسوا بمحضر صاحب الأرض، ولا يغير عليهم، ولا يشهد بعارية، ولا بغير ذلك، فإن ذلك لهم إذا عمروا زمانا طويلا، وذلك نحو من عشر سنين أو تسع أو ثمان إذا بنوا بنيانا معروفا بعلم صاحب الأرض.
قال محمد بن رشد: رواية عيسى هذه، في أن المولى والختن في الحيازة بمنزلة الأجنبيين، خلاف رواية يحيى عنه في أول رسم من سماعه من هذا الكتاب، في أنهما بمنزلة القرابات، ومثله في آخر مسألة من هذا الكتاب في المولى.