مسألة وقال أصبغ: ولا بأس باشتراء ما على الغائب وإن لم يحضر إذا كانت غيبته قريبة وعرف مكانه وصحته وملاؤه ولا بأس باشتراء ما عليه وإن لم يحضر.
قال محمد بن رشد: مثل هذا لابن القاسم في سماع موسى بن معونة الصمادحي من كتاب المدبر، ولم يشترط في جواز ذلك أن يكون على الدين بينة، فقيل معنى ذلك إذا كانت على الدين بينة، وهي رواية داود بن سعيد عن أبي زيد عن مالك، وقيل: إن ذلك على ظاهر قولهما وإن لم يكن على الدين بينة، وذلك كله خلاف لما في غير ما موضع من المدونة من أنه لا يجوز شراء ما على الرجل من دين إلا أن يكون حاضرا مقرا، وقد سقط من بعض المواضع فيها، مقرا، وثبوته يقضي على سقوطه، وسقط أيضا في بعض الروايات في شراء الكفيل ما على الذي تحمل عنه، فقيل: إنه فرق في هذه الرواية بين شراء الكفيل ما تحمل به من الدين وبين شراء الأجنبي ذلك، فأجاز ذلك للكفيل وإن لم يعلم إقراره لأنه مطلوب بالدين ولو أنكر لزمه الغرم، فكأنه إنما اشترى دينا على نفسه لكونه مطلوبا به، وقيل: الرواية بثبوته تقضي على سقوطه، ولا فرق بين الكفيل والأجنبي في هذا وهو الأظهر، إذ قد تكون الحمالة بعد العقد فلا يلزم الحميل شيء إلا بعد إثبات صاحب الدين دينه، وهو أيضا قبل الأجل غير مطلوب بحال، وبعد الأجل قد لا يطلب. فوجه ما في المدونة من اشتراط حضوره وإقراره وهو المشهور في المذهب هو أن شراء ما عليه من الدين لا يجوز إلا بنقد الثمن، فهو لنقد الثمن ولا يدري هل يتم له ما اشترى أو يرجع إليه ماله، فمرة يكون بيعا ومرة يكون سلفا. ووجه ظاهر قول أصبغ وما في سماع موسى من أن شراء ما عليه جائز وإن لم يحضر ولا كانت عليه بينة هو أن الأمر محمول على الصحة من أن البائع صدق فيما زعم أن له عليه من الدين الذي باعه وأن الذي عليه الدين لا ينكر، فلا يتلفت ما يطرأ بعد من إنكاره. ووجه رواية أبي زيد عن مالك أن البينة ترفع علة