بيده، ثم بعث بها، فلم يحرم شيء مما أحله الله له حتى نحر الهدي» ، وقد أنكر ذلك عبد الله بن الزبير على من فعله، وقال: بدعة ورب الكعبة.
[مسألة: نحر قبل أن يطلع الفجر بمنى]
مسألة وقال: من نحر قبل أن يطلع الفجر بمنى، فليعد النحر.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة وغيرها، وهو أمر لا اختلاف فيه في المذهب أن من رمى أو نحر قبل طلوع الفجر من يوم النحر فلا يجزيه، فإن رمى ونحر بعد طلوع الفجر أجزأه، والاختيار أن يفعل ذلك كله بعد طلوع الشمس ضحى، وكذلك فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذهب الشافعي إلى أن من رمى قبل الفجر بعد نصف الليل أجزأه، واستدل بما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واعد أم سلمة أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة» ، قال: ولا يمكن أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة إلا وقد رمت قبل الفجر؛ لبعد ما بين الموضعين، وهو حديث غير صحيح؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غداة يوم النحر إنما كان بمنى لا بمكة، وعندي أنه يحتمل أن يتأول الحديث على أن فيه تقديما وتأخيرا، وتقديره أنه واعدها يوم النحر أن توافيه صلاة الصبح بمكة يريد من الغد، فيستقيم الحديث، ويبطل احتجاج الشافعي به، وذهب أبو حنيفة إلى أنه من رمى قبل طلوع الشمس لم يجزه الرمي، وحجته ما روي:«أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث ضعفة أهله ليلا من جمع، وقال لهم: لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» ، وهذا لا حجة فيه؛ لأنه يحتمل إن صح ذلك أن يكون معناه على الأمر بما هو أفضل؛ إذ قد روى غيره:«لا ترموا الجمرة إلا مصبحين» ، والإصباح يكون قبل طلوع الشمس، وهذا هو الأظهر، أنه لما قدمهم بليل خشي أن يأتوا الجمرة قبل الإصباح، فنهاهم إن وصلوا إليها قبل الإصباح أن يرموها إلا مصبحين، والله أعلم.