للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الصبح، يدعو ويحرك أصبعه التي تلي الإبهام ملحا. ووجه تحريكها استشعار كونه مقبلا على صلاته؛ لئلا يشتغل باله بما سواها. وقد قيل فيها لهذا المعنى: إنها مدية الشيطان، ومقمعة له. ووجه مدها دون تحريك أن يتأول فاعل ذلك بها أن الله وحده لا شريك له، وبالله التوفيق.

[مسألة: صلاة رسول الله في منى إلى غير سترة]

مسألة قال مالك: صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في منى إلى غير سترة، ولقد كرهت بنيان مسجد عرفة، وذلك أن الرجل يأتي يمسك بعيره وما أشبه ذلك، وليس لكل الناس من يمسك إبلهم. ولقد أدركت عرفة وما بها مسجد حتى بني بعد، فقيل له: ما اتخذ الناس من البنيان بمنى، فكره ذلك وقال: ذلك مما يضيق على الناس، ولم يعجبه البنيان بها.

قال محمد بن رشد: قوله: صلى رسول الله في منى إلى غير سترة، أي إلى غير سترة مبنية مسجد ولا غيره، لا أنه صلى إلى غير سترة أصلا، فإنه كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا صلى في الصحراء تركز له الحربة، أو توضع بين يديه العنزة، فيصلي إليها. وقد بين العلة في كراهيته للبنيان بمنى، ولبنيان مسجد عرفة، ومثل ذلك كله في الحج الأول من المدونة، وقال فيها: إنما أحدث مسجدها بعد بني هاشم بعشر سنين.

[مسألة: الأقناء التي تعلق في مسجد النبي]

مسألة وسئل مالك عن الأقناء التي تعلق في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أكان ذلك من الأمر القديم؟ قال: نعم، قد كان على عهد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وإنما كان لمكان من كان يأتي إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان لموضع ضيافتهم يأكلون منه وأراه حسنا أن يعلق فيه، فقيل له:

<<  <  ج: ص:  >  >>