[مسألة: الصدقة والوصيةِ والرجل في مرضه ولا يحملها الثلث]
مسألة وسئل: عن الصدقة والوصيةِ والرجلُ في مرضه ولا يحملها الثلث أتَرَى أن يبدأ بالصدقة؟ قال: لَا بَلْ يتحاصون، وقد سألني رجل عن رجل أوصى ليتيم ولقوم فلم يَسَعْ ذلك الثلثُ، فقال الرجل: إنّ اليتيم محتاج كأنه رَآهُ من وجه الصدقة فقلتُ له: هم يتحاصون، فقيل له: أفرأيت إن قال في الصدقة بَتْلا لا رجوع فيها عشت أو مت، قال: فلا أدري، قلت له: أفيتحاص الذي تصدق بها عليه والذي أوصى له؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: ظاهرُ هذه الرواية أنّ السؤال فيها إنما هو عن الوصية بالصدقة والصدقَةُ على سبيل العطية هل يتحاصان الوصية بالصدقة على الوصية على سبيل العطية؟ فقال: إنهما يتحاصان. ولا اختلاف أحفظه في ذلك، وقد رأيت لابن دحون أنه قال: قد قيل: إن الصدقة تقدم على الوصية؛ لأنها للفقراء والوصية للأغنياء فتؤخذ، ولا أعرف هذا القول ولا له وجه يصح، إذ قد يتصدق الرجل على الغني ويعطي الفقير، فلو كانت الصدقة على الغني تبدأ على العطية للفقير لَبَطَلت العلة التي عللت بها تبدية الصدقة على العطية، وإن قلت: إن العطية تبدأ على الصدقة من أجل أنها على فقير لزمك أن تبدي الوصية للفقير على الوصية للغني، وذلك خلاف الإِجماع، وإنما الاختلافُ المعلومُ في الصدقة المبَتلة في المرض والوصية، هل يتحاصان بعد الموت لاتفاقهما جميعا على أنهما من الثلث، أو تبدأ الصدقة المبتلة من أجل أنها تلزم المتصدق إن صح من مرضه، فروى الحارث عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول في الرجل يتصدق بالصدقة في مرضه ويوصي للناس بوصايا ثم يموت فيريد أهل الوصايا أن يدخلوا على المتصدق عليه في الصدقة قال: لا أرى ذلك لهم؛ لأنه لو عاش ثُمّ أراد أن