قال محمد بن رشد: وجه رواية ابن القاسم عن مالك بإسقاط وجوب تخليل اللحية في الغسل من الجنابة أن الأصل كان ألا يجب تخليل شعر الرأس واللحية؛ لأنه من أصل الخلقة، فإذا كشف صار ما تحته من البواطن، وانتقل فرض الغسل إليه، فخرج من ذلك تخليل شعر الرأس بما ثبت في الحديث، من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كان يخلل شعر رأسه من الجنابة» ، وبقي شعر اللحية على الأصل. ووجه رواية أشهب بإيجاب تخليلها القياس على شعر الرأس، وما روي من قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اغسلوا الشعر وانقوا البشر فإن تحت كل شعر جنابة» ، فعم ولم يخص، وبالله التوفيق.
[مسألة في البير تقع فيها الفارة فيصرف ماؤها في طعام يصنع به]
ومن كتاب أوله يسلف في المتاع والحيوان المضمون مسألة في البير تقع فيها الفارة
فيصرف ماؤها في طعام يصنع به وسئل مالك عن بئر وقعت فيه فارة فبلوا بمائها قمحا فقلوه، أترى أن يؤكل؟ فقال مالك: لا يأكلون الميتة.
قال محمد بن رشد: شدد مالك، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، في هذه الرواية في أكل القمح المبلول بالماء الذي ماتت فيه الفارة وجعل ذلك كالميتة، فإن كان فهم من سؤال السائل أن الماء كان قد تغير لونه أو طعمه من ذلك أو رائحته على الاختلاف في مراعاة تغير الرائحة فلا إشكال ولا اختلاف في أنه كالميتة لا يحل منه إلا ما يحل من الميتة؛ وإن كان أجاب على أنه لم يتغير من ذلك، فوجه قوله أنه حمله على النجاسة في المنع من أكله ابتداء على سبيل التوقي والتحرز من المتشابه، كما منع من الوضوء به ابتداء، وقال: إنه يتيمم ويتركه،