[مسألة: يتوضأ للصلاة ثم يرتد عن الإسلام ثم يستتاب فيراجع الإسلام]
مسألة وسئل ابن القاسم عن الذي يتوضأ للصلاة، ثم يرتد عن الإسلام، ثم يستتاب فيراجع الإسلام، هل عليه أن يتوضأ للصلاة أم يجزيه الوضوء الأول؟ فقال ابن القاسم: أحب إلي أن يتوضأ.
قال محمد بن رشد: وقال يحيى بن عمر، بل واجب عليه أن يتوضأ؛ لأن الكفر أحبط عمله. وهذا الاختلاف جار على اختلافهم في الأعمال، هل تحبط بنفس الكفر بظاهر قول الله عز وجل:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر: ٦٥] أو لا تحبط إلا بشرط الوفاة على الكفر؛ لقول الله عز وجل:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}[البقرة: ٢١٧] ، والقولان قائمان من المدونة.
فمن قال بدليل الخطاب لم ير أن تحبط الأعمال بنفس الكفر، ومن لم يقل به رأى أنها تحبط به، ولهذا تفسير، وذلك أن قول الله عز وجل:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر: ٦٥] ، ظاهره أن الأعمال تحبط بنفس الشرك، وفي قوله عز وجل:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: ٢١٧] دليل على أن من ارتد ولم يمت كافرا لم يحبط عمله، ولا كان مخلدا في النار. فأما كونه غير مخلد في النار فالإجماع على ذلك يغني عن الدليل فيه، وأما كون عمله غير محبط بالارتداد فيعارضه ظاهر قوله عز وجل:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر: ٦٥] ، فمن لم يقل بدليل الخطاب من هذه الآية حمل قوله:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] على ظاهره، فقال: إن الأعمال تحبط بنفس الارتداد، وهو قول ابن القاسم وروايته