ومن سماع أشهب وابن نافع مسألة قال سحنون: سمعت أشهب وعبد الله بن نافع يقولان: سمعنا المسور بن عبد المالك المخزومي يحدث مالكا أن أبا الحويرث حدثه أن محمد بن جبير بن مطعم أمر بثلاثة ديكة له أن تسمن حتى إذا امتلأن شحما أمر غلاما له أن يذبحها فذبحها من أقفيتها فلما نظر إليها محمد بن جبير بن مطعم، قال: لأظنه قد حرمها، فقلت له: كلا، فخرجت معه إلى سعيد بن المسيب حتى سأله عن أكلها، فقال له ابن المسيب: لا تؤكل فليس ذلك بذكاة، كل أنسية ذبحت من غير مذبحها فلا تؤكل، ولكن لو كانت وحشية أكلت، فقيل لمالك: أترى ما قال سعيد بن المسيب أن هذه الديكة المذبوحة من أقفيتها لا تؤكل؟ قال: نعم، إذا ذبحت من أقفيتها فلا تؤكل، وأرى أن تطرح، وأما لو ذهب يذبح فأخطأ فانحرف شيئا لم أر بأكلها بأسا.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة وغيرها أن من ذبح من القفا لم تؤكل ذبيحته، والمعنى في ذلك بين؛ لأن من ذبح من القفا فقد قطع النخاع وهو المخ الذي في عظم الرقبة قبل أن يصل إلى موضع الذبح، فيكون بفعله قد قتل البهيمة بقطعه نخاعها إذ هو مقتل من مقاتلها قبل أن يذبحها في موضع ذكاتها، وقول سعيد بن المسيب ولو كانت وحشية أكلت