مسألة وسمعته: يسأل: عن رجل تصدق على امرأته أو ابنه بالعبد وهو مسافر، والعبد في يد الذي تصدق به عليه على وجه الاختدام، فتصدق به عليه، ويشهد على ذلك شهودا وهو مسافر، ثم يموت المعطي أو المعطى قبل أن يعلم المعطى الذي تصدق به عليه، فقال: إن كان أمره على وجه الإنفاذ، وأشهد من يرى أنهم يبلغونها ذلك، أو يبلغون ابنه، فإن ذلك جائز، فأما أن يشهد بكذا من لا يعرف المرأة ولا الولد، ولا يكتب إليهما فمتى شاء، قال هذا لي، قد رجعت فيه، لا هي تعلم أن ذلك لها، ولا الشهود يعلمونها، فلا أدري ما هذا.
قال محمد بن رشد: وأما إذا مات المعطى المتصدق عليه قبل المعطي المتصدق، فورثته يقومون مقامه، وينزلون منزلته في القول أو الرد إذا علموا قبل موت المعطي المتصدق، وأما إن مات المعطي المتصدق، قبل موت المعطى المتصدق عليه، وقد علم، فلم يقل: قد قبلت حتى مات المتصدق، فقول ابن القاسم في المدونة: إنه لا شيء له؛ لأنه لم يرى سكوته مع كون الهبة بيد رضا منه بها، وقبولا لها، وقول أشهب فيها: إنها له ندي أسكوته مع كون الهبة بيده رضا منه بها وقبولا لها؟ فقال: إن كونها في يديه أحوز، وأما إن مات المتصدق قبل أن يعلم المتصدق عليه، فقول مالك في هذه الرواية: إن ذلك جائز له إذا كان أمره على وجه الإنفاذ، وأشهد من يرى أنهم يبلغونه ذلك، فهو شذوذ؛ لأن ذلك يقتضي أن هبة الأموال لا تفتقر إلى القبول، وأنها تجب للموهوب له بنفس الهبة حتى لو مات الموهوب له قبل أن يعلم لورثت عنه، ولم يكن لورثته أن يردوها لا على وجه الهبة إن قبل ذلك الواهب، وهو بعيد، إنما يصح ذلك في الحرية إذا قال الرجل لعبده قد وهبتك