للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرقُ بين الأرض البيضا والموز إذا كانا في حيز التبع للحائط في جواز إلغائهما للعامل السُّنَّةُ الواردةُ في إلغاء الأرض في المساقاة؛ وإذ قد جاء ذلك في بعض الآثار، ولذلك قال مالك: فهذا أُحله هو الذي يأتي في هذه المسألة على ما في المدونة؛ لأنه لم يُجز فيها لأحد المساقين في الزرع إن كانت فيه نخلات يسيرة أن يشترطها أحدهما على صاحبه، وقد روى ابن وهب عن مالك أنه لا بأس أن يشترط العامل الزرع الذي في الحائط إذا كان يسيرا لنفسه خاصة، ومثلُه لمالك في الثاني من التفسير ليحيى عن ابن القاسم، رواه الحارث عن ابن القاسم عنه، فعلى هذا يجوز إذا كان الموز يسيرا في الحائط أن يشترطه كل واحد منهما على صاحبه، فيحتمل على هذا أن يكون قولُ سحنون مثلَ ما في المدونة من قول ابن القاسم وروايته عن مالك؛ إذ قد اختلف قول مالك في هذا الأصل حسبما بيناه، وبالله التوفيق.

[مسألة: بيع الثمر قبل أن يخلق]

مسألة وسئل مالك عن رجل ساقى نخلا له ثم إن الذي ساقى عليها أنفق عشرين دينارا ثم أراد الخروج فأراد أن يُعْطيَ العشرين الدينار التي أنفق فيها ويخرج من المساقاة، قال مالك: لا خير فيه ولكن إِن أحب أن يساقيها أحدا على ما شاء النصف أو الثلث فذلك له.

قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه ولا إشكال أنه لا يجوز أن يخرج من المساقاة على شيء يعطي لا قبلَ أن يَعمل ولا بعد أن عمل؛ لأنه إذا فعل ذلك كان قد باع حظه من الثمر قبل أن يخلق بما عليه من عمل الحائط ومن بقية عمله وبما أعطي، فدخله ما نهي عنه من بيع الثمر قبل أن يخلق، وأما مساقاة غيره على ما شاء النصف أو الثلث فقال في الرواية: إن ذلك له يريد إذا كان أمينا مثلَه في الأمانة باتفاق، وأما إن كان أمينا إلا أنه دونه في الأمانة أو غير مأمون إلا أنه مثله في الأمانة فيتخرج ذلك على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>