لهم تصدقوا عليه بثلثها، فقبض الثلث وحازه، ثم إنهم قاموا عليه بعد سنين فقالوا: إنا كنا جاعلناك على الخصام في القرية بثلثها الذي دفعناه إليك، وذلك لا يجوز لك؛ لأنه جعل فاسد لا يجوز، وأقاموا البينة على إقراره بأنه أخذه على جعله، وقال: هو إنما أخدته بالصدقة، وأقام البينة على الصدقة، فأقروا بها، وقالوا: إنما تصدقنا عليك به؛ لأننا ظننا أن ذلك يلزمنا بالجعل الذي شارطنا عليه، فلم ير ابن القاسم إقراره بأنه أخذه على جعله ضائرا له؛ لأن بإزائه إقرارهم له بالصدقة التي ادعى، ولم يعذرهم فيها بالجهالة مع احتمال إقراره بأنه أخذه على جعله أنه أخذه فيما وجب له من الجعل، لا على أنه جاعلهم على ذلك.
واستظهر على ذلك في سماع يحيى، من كتاب الصدقات والهبات باليمن، على أنه لم يقاطعهم بالثلث قبل الخصومة، وإنما طاعوا له بها بعدها شكرا ومكافأة عليها، من أجل ما تضمنه السؤال من أنه شهد عليه أنه ادعى عند القاضي أنه جاعلهم على الخصام عنهم في القرية على ثلثها، فلا يعد ذلك اختلافا من قوله، وسنتكلم على رواية يحيى إذا مررنا بها إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق.
[مسألة: الصياح على المتاع في السوق على جعل]
مسألة قال سحنون في الرجل يستأجر على الصياح على المتاع في السوق على جعل: إن ذلك الجعل فاسد؛ لأنه يصيح النهار كله، وليس إليه إمضاء البيع وإمضاؤه إلى رب المتاع، فهذا جعل فاسد لا يدري أيعطى في السلعة ما يرضى به صاحب السلعة أم لا. ولو كان إمضاء البيع والنظر إلى الصائح، لم يكن بالجعل بأس، وقال سحنون: وهذه المسألة جيدة.