أن الزيِادة في طول الكمين على قدر الأصابع مما لا يحتاج إليه، فرآه من السرَف، وخشي أن يدخل عليه منه عجب، وفي مثل هذا قالت عائشة: ما أخَافُ عَلَى الرًجُل إلاَّ مِنْ أَطْرَافِهِ؛ إذْ مَر عليها سعدُ بن معاذ وَعَلَيْهِ دِرْع مقلصة مشمرة الكمين، على ما مضى في أول السماع. وقد تكلمنا على ذلك هنالك. والله الموفق.
[ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من شظف العيش]
فيما كان عليه أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من شظف العيش وحدثني ابن القاسم عن مالك عن عمر بن الخطاب، قال وهو بمكة: لقد رأتني وما لِيَ من طعام غير أن خالاتٍ لي كنَّ يحفنَّ حفنة حفنة من زبيب.
قال محمد بن رشد: هذا من معنى ما تقدم القول فيه قبل هذا، فلا معنى لِإعادته، وبالله التوفيق.
[طول الرداء]
في كراهية طول الرداء
قال مالك: بلغني أن عاملًا لعمر بن عبد العزيز على اليمن، وأنه ارتدى ببُردة، وكانت طويلة فانجرت من خلفه، فقيل له: ارفع ارفع، فرفع فانجرت بين يديه. قال: هكذا الشيء يجعل بغير قدره.
قال محمد بن رشد: إنما قيل له: ارفع؛ لما انجرت خلفه، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلى مَنْ جَرَّ إزَارَه بَطَراً» ، فطول الرداء مكروه، مخافة أن يغفل عنه فيجره من خلفه. وقد