مسافرا، فحضرته الوفاة في سفره، فكتب وصية أخرى، وكنى عن التي ترك لم يذكرها بشيء، وأوصى في سفره إلى رجل، فذهب الوصي فنفذ وصيته في سفره ذلك من ماله الذي ترك، فقال ابن القاسم: أراه متعديا، وأرى ضامنا لما أعطاه.
قال محمد بن خالد: وقال ابن نافع مثله.
قال محمد بن رشد: إيجاب الضمان على الوصي في هذه المسألة بين؛ إذ قد تبين عداؤه بتعجيل تنفيذ وصيته في سفره من المال الذي تركه فيه، دون أن يتثبت ويتربص حتى يرجع إلى بلده، فينظر هل له وصية أخرى؟ وإنما يضمن إن كانت الوصية التي كتبها في بلده عند سفره أولى من هذه وأحق بالتبدئة، ولا يحملها ثلثه جميعا.
وقد مضى في رسم الأقضية، من سماع أشهب تحصيل القول فيما يضمن فيه الوصي مما لا يضمن، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى فقال ما بقي من ثلثي فهو لفلان]
مسألة قلت لأشهب: فرجل أوصى فقال: ما بقي من ثلثي فهو لفلان، ولم يوص بأكثر من ذلك حتى مات، فقال: يعطى الذي أوصى له ببقية الثلث ثلث الميت.
قال محمد بن رشد: وقع في بعض الروايات: يعطى الذي أوصى له بقية الثلث ثلث الثلث، وهو غلط وتصحيف، والله أعلم. وقد حمل ذلك ابن حارث على أنه اختلاف من قول أشهب، مرة قال: له جميع الثلث، ومرة قال: له ثلث الثلث. والمسألة متكررة من قول مالك في مواضع من سماع عيسى، وقد مضى الكلام عليها في رسم أوصى منه، وبالله التوفيق.