للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ الآية نزلت في الباغي المشرك، وينبغي أن يكون معنى الآية في الانتصار ممَّا فيه حد لله، لا يجوز العفو عنه. والله أعلم.

[أَمر الرجل بالمعروف من يعلم أَنَّه لا يطيعه]

في أَمر الرجل بالمعروف من يعلم

أَنَّه لا يطيعه وسئل مالك: عن الرجل يأمر الرجل بالمعروف، وهو يعلم أَنَّه لا يطيعه، وهو ممَّن لا يخاف، مثل الجار والأخ، قال: لا أرى به بأساً، ولا يشبه ذلك إذا رفق به، فإِنَّ الله ربما نفع بذلك. يقول الله: {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] . قال مالك: بلغني أن رجلَاَ من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقع بالشام، وأنه انهمر في الخمر فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فكتب إليه: {حم - تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [غافر: ١ - ٢] إلى قوله: {الْمَصِيرُ} [غافر: ٣] ، قال: فتركَ ذلك الرجل الخمر فتاب ونزع عنها.

قال محمد بن رشد: قوله لا أرى به بأساً، معناه: جائز له أن يفعله. وإن ظنَّ أنَّه لا يطيعه، إذ لعلَّه سيطيعه فينفع الله بذلك، لا سيّما إذا رفق به، إذ لا يشبه الرفق في ذلك ترك الرفق فيما يرجوه من أن ينتفع بقوله. واستدلَّ على استحباب الرفق في ذلك بقول عمر، مع الذي بلغه عنه أنه انهمر في الخمر من أصحاب النبيّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، إذ وعظه بما كتب له من كتاب الله، ولم يُغلظ عليه بالقول. وفي قوله: لا بأس أن يأمره بالمعروف وإن علم أنه لا يطيعه نص منه على أَنَّه لا يلزمه ذلك، وهو صحيح؛ لأنَّ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاثة شرائط: شرطان

<<  <  ج: ص:  >  >>