فيه شريطة إن كان وقع فيها في حال غليانها، ألقي اللحم وأريق المرق، وإن كان قد وقع فيها في حال سكونها غسل اللحم وأكل، ولم يوكل المرق، فقال ابن المبارك: من أين قلت هذا؟ قال: لأنه إذا وقع فيها في حال غليانها، فقد وصل من اللحم إلى حيث يصل منه الخل والماء، وإذا وقع في حال سكونها ولم يمكث لم يداخل اللحم، وإذا نضج اللحم لم يقبل ولم يدخله من ذلك شيء، فقال ابن المبارك: رزير، يعني الذهب بالفارسية، وعقد بيده ثلاثين، كأنه نسب كلام أبي حنيفة إلى الذهب.
قال محمد بن رشد: وكلام أبي حنيفة في هذه المسألة هو عين الفقه، فقد روي: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في الفارة تموت في السمن:«إن كان جامدا فكلوه، وإن كان مائعا فلا تقربوه» ، فاللحم بمنزلة الجامد من السمن إذا وقعت فيه النجاسة بعد طبخه، يؤكل بعد أن يغسل مما تعلق به من المرق والنجس، وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل يعلم الرجل الوضوء بالماء هل يجزيه ذلك من وضوئه للصلاة]
مسألة وسئل عن الرجل يعلم الرجل الوضوء بالماء، هل يجزيه ذلك من وضوئه للصلاة؟ أو يعلمه التيمم في موضع لا يجد فيه ماء، وقد دخل وقت ذلك الصلاة، هل يجزيه ذلك التيمم؟ فقال ابن القاسم: يجزيه الوضوء إذا نوى به للصلاة، والتيمم مثله إذا نوى به الصلاة، قال موسى بن معاوية: فإن لم ينوه لم يجزه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الوضوء والتيمم لا يجزئان إلا بنية، فإذا توضأ أو تيمم لما لا يتوضأ له، ولا يتيمم فرضا ولا نفلا لم يصل بذلك الوضوء ولا بذلك التيمم، إلا أن ينوي به طهر الصلاة، وقد مضى القول على هذا المعنى في رسم "يتخذ الخرقة لفرجه" من سماع ابن القاسم.