الجنة كالحج، وأما الغزو مع الخوف، فلا شك في أنه أفضل من الحج التطوع والله أعلم؛ لأن الغازي مع الخوف قد باع نفسه من الله عز وجل، فاستوجب له الجنة والبشرى من الله عز وجل بالفوز العظيم. قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ}[التوبة: ١١١] إلى قوله: {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: ٧٢] وإنما قال: إن الحج أحب إليه من الصدقة، إلا أن تكون سنة مجاعة؛ لأنه إذا كانت سنة مجاعة، كانت عليه المواساة، فالصدقة واجبة، فإذا لم يواس الرجل في سنة المجاعة من ماله بالقدر الذي يجب عليه المواساة في الجملة، فقد أثم، وقدر ذلك لا يعلمه حقيقة بالتوفي من الإثم بالإكثار من الصدقة، أولى من التطوع بالحج الذي لا يأتم بتركه، وإنما قال: إن الصدقة أفضل من العتق، لما جاء في الحديث الصحيح من: «أن ميمونة بنت الحارث أعتقت وليدة لها ولم تستأذن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه، قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي، قال:"أَوَفَعَلْتِ؟ " قالت: نعم، قال:"أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك".» وهذا نص من النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في ذلك، قَوَّتْهُ الاستدلالُ عليه بالظواهر، وبالله التوفيق.
[: تصدق على ولده وهم صغار]
ومن كتاب أوصى معه أن ينفق على أمهات أولاده قال: وسئل: عمن تصدق على ولده وهم صغار يليهم بدار، وأشهد لهم، وكان يكريها لهم، فلما بلغوا الحوز قبضوها وأكروها