وقاله أصبغ، وقال: يزكيها لسنة واحدة وهو بمجرى سبيل الديون التي له.
قال محمد بن رشد: أما المودع الذي أقرضها، فيزكيها لسنة واحدة إذا قبضها إن كان له بها وفاء، قد حل عليه الحول باتفاق، أو لم يحل عليه على ما تقدم من الاختلاف في رسم "استأذن" من سماع عيسى؛ وأما الذي أقرض إياها، فيزكيها لكل سنة عنده - إن كان له بها وفاء؛ وأما صاحبها المودع، فيزكيها إذا قبضها زكاة واحدة لجميع السنين التي كانت عند المقرض - كان له بها وفاء أو لم يكن؛ لأنها ماله، وما أقامت بيد المودع قبل أن يقرضها فعليه زكاتها لكل سنة، إلا على رواية ابن نافع عن مالك التي ذكرناها في رسم "استأذن"، وهو شذوذ في المذهب، وبالله التوفيق.
[مسألة: أكرى داره ثلاث سنين جملة بمائة دينار كيف يزكي]
مسألة قال أصبغ: سألت ابن القاسم عمن أكرى داره ثلاث سنين جملة بمائة دينار في كل سنة، فحلت أول سنة، فلم يقبضها ولا الثانية؛ ثم قبض ثلاثمائة بعد الثلاث سنين، كيف يزكي؟ قال: يستقبل بها حولا كلها من يوم قبضها، وليس في ذلك اختلاف من قول مالك بمنزلة ما لو باع سلعة بثمن حال، فاستأخر حتى قبضه بعد سنة، فإنما يستقبل به من يوم يأخذه حولا، أو بمنزلة الدين ورثه من أبيه على رجل فأخره قبله أرفقه به حتى مضت ثلاث سنين؛ فإنما يستقبل به من يوم يأخذه حولا، ثم قال لي في الأولى: إلا أن يكون فعل ذلك هربا من الزكاة، قال أصبغ: ليس استثناؤه هذا بعلم ولا شيء سوى فعله ها هنا هربا من الزكاة أو غير هرب، أو متعمدا أو غير متعمد، وقادرا على أخذه أو غير قادر، هي والثانية سواء، وليس عليه في ذلك