للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت مُعافى من هذا أن أضرب أحداً أو أشتمه. فقال له عمر: كذلك الإمام. قال: ومَا المَخرج؟ قال: تأتي الرجل فتسأله أن يجعلك في حل، فأتاه فأحله.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أنه ضربه أدباً بالاجتهاد في غير حد، فخشي أن يكون قد أخطأ في الاجتهاد، فتجاوز في الضرب، وضربه فيما كان يجب التجاوز فيه، وترك الأدب بالضرب. وهذا على طريق التواضع والورع والخوف للَّه والتنحي من المتشابه، لا على سبيل الوجوب؛ لأن للإمام أن يؤدب الجناة بالضرب، كما يؤدب الرجل عبده وأمته، وكما يؤدب الرجل زوجته بالضرب، فلا يكون عليه في ذلك حرج، لقوله عز وجل: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] فالِإمام مأجور على اجتهاده وإن أخطأ فيه. قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِن اجْتهَدَ الْحَاكِمْ فَأخطَأ، فَلَهُ أجْرٌ، وَإِن أجْتَهَدَ فَأصابَ فَلَهُ أجْرَانِ» . وباللَّه التوفيق.

[اختلاف قدر الِإطعام باختلاف البلدان]

في اختلاف قدر الِإطعام باختلاف البلدان سمعت مالكاً يقول: إن أنس بن مالك كانت له مكيلةٌ بالعراق، فأطعم عشرة، ثم جاء هاهنا، يريد المدينة، فكال بها فأطعم عشرين.

قال محمد بن رشد: يريد أنه أطعم بالمدينة عشرين مسكيناً من

<<  <  ج: ص:  >  >>