[القصارين يدفع لهم الرجل الخمسمائة ثوب أو أكثر ويشترط عليه قصارتها]
ومن كتاب طلق بن حبيب وسئل مالك: عن القصارين من أصحاب الصوف يدفع لهم الرجل الخمسمائة ثوب أو أكثر، ويشترط عليه قصارتها ويدفع إليه أجرة، فيعمد الذي دفع إليه فيستأجر عليه قصارين مثله، فيدفعها إليهم، ثم يفر الأول فيجد هؤلاء ثيابهم وقد عملها هؤلاء، فيريدون أخذها فيقولون لهم: لم نأخذ أجرتنا فلا ندفع إليكم حتى نستوفي حقوقنا، قال: أرى أن يأخذوا ثيابهم إذا وجدوها، ويتبعون هم التي دفعها إليهم بأجرتهم، وكذلك الخياط والفتال يستعمل فيستعمل هو غيره مثل ذلك يأخذون هم ثيابهم إذ كانوا قد دفعوا حقوقهم إلى الأول ويتبع هو العامل الأول.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة جيدة زاد فيها في كتاب ابن المواز تفسيرا فقال: هذا إذا قامت بينة أنه دفع الأجرة إلى الصانع الأول، فإن لم تقم بينة يحلف الثاني أنه ما قبض أجرته من الهارب، ثم يدفع إليه رب الثياب أجرة، وإن كانت إجارة الأول خمسة، وهذا عشرة لم يدفع إليه هو إلا خمسة، ويتبع الهارب بما بقي، ويأخذ هذا ثيابه، وإن كانت إجارة الأول عشرة، وهذا خمسة دفع إلى هذا خمسة وتبقى خمسة عنده للأول، ثم إن قدم الأول، فأقر بقبض إجارته، فليرجع القادم على الثاني بما أخذه منه، قال أبو محمد بن أبي زيد: وهذا الذي قال غير مستقيم، ولا يقبل دعوى غريم القادم على المقيم إذا كان القادم عديما.
قال محمد بن رشد: وقول ابن أبي زيد: لا يقبل دعوى غريم القادم على المقيم إذا كان القادم عديما صحيح، ولم ينص ابن المواز على أنه يرجع على الثاني بإقرار القادم، وإن كان عديما، فينبغي أن يحمل قوله على ما يصح فيقال: معناه إذا كان القادم مليا ولا يقال فيه: إنه غير مستقيم، وقول محمد: إنه إن لم يكن لصاحب المتاع بينة على دفع الأجرة إلى الأول ويحلف الثاني