قال محمد بن رشد: قوله إنها ترجع حبسا بعد انقراض ذكور ولده، صحيح لا اختلاف فيه، لوجهين: أحدهما: أن ذكور ولده غير معينين لأنه يدخل في ذكور ولده ذكور ولد ولده ما سفلوا، والثاني قوله لا يباع ولا يورث حتى يرثها الله، ولو قال: لا تباع ولا تورث ما عاشوا أو حتى ينقرضوا لرجعت إليه بعد انقراضهم ملكا مطلقا ولورثته إن كان قد مات، ولو قال ما عاشوا أو حتى ينقرضوا، ولم يقل لا تباع ولا تورث لرجعت إليه ملكا مطلقا عند مطرف، وقد مضى هذا المعنى مستوفى في أول رسم من السماع فلا معنى لِإعادته.
وقوله: إنها ترجع حبسا على بنات ذكور ولده وعلى العصبة معناه إذا لم يكن له بنات لصلبه؛ لأن بناته أقرب إليه من بنات بنيه، وقد مضى في أول رسم من السماع ذكر من يرجع إليه الحبس حبسا بعد انقراض المحبَّس عليهم وما في ذلك من الاِختلاف في النساء فلا معنى لإِعادته وبالله التوفيق.
[مسألة: اتخاذ المساجد على القبور]
مسألة قال ابن القاسم في اتخاذ المساجد على القبور: إنما أَكْرَهُ من ذلك هذه المساجد التي تبنى عليها، فأما لو أن مقبرة عفت فبنى قوم عليها مسجدا فاجتمعوا للصلاة فيه لم أر بذلك بأسا.
قال محمد بن رشد: إنما كره اتخاذ المساجد على القبور صيانة لها لئلا يكون ذلك ذريعة إلى الصلاة عليها، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَهَم لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنا بَعْدِي يُعْبَدُ اشْتَدَ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وأما إذا عفت المقبرة وانقطع الدفن فيها