أنه يجب عليه إخراج ما أخذ حتى يضعه في الصنف الذي أمره أن يضعه فيهم، وهذا جار على اختلاف أهل الأصول في الأمر بالشرع، هل يدخل في الأمر أم لا يدخل فيه؟ لأنه يأتي على مذهب من رأى أنه يدخل فيه الأمر؛ لأنه من جنس المأمورين المشروع لهم الشرع أن يأخذ منهم المقاسم؛ لأنه من جنس المقسوم عليهم، وكان صاحب المال أعلم قاسمه الذي دفعه إليه أنه قد أوجبه لذلك الصنف، فدخل مدخلهم فيه؛ وأما إذا قال له إن احتجت إلى شيء منه فخذه، فجائز له أن يأخذ منه مثل ما يعطي غيره بالمعروف دون أن يحابي نفسه، ولا يجوز له أن يأخذ منه لنفسه أكثر مما يعطي غيره، إلا أن يعلم أن صاحب الدنانير يرضى بذلك ويريده.
[مسألة: أعطي شيئا في سبيل الله فقضى رباطه وقد بقي معه منه فضل]
مسألة قال: وسئل مالك فقيل له: إني ربما أعطيت الدراهم لأقسمها في سبيل الله، فأجد الرجل قد قضى رباطه وهو يريد الانصراف إلى أهله، فلا يجد ما يتحمل به؛ أفترى أن أعطيه منها؟ فقال: إنما أعطيتها لتجعلها في سبيل الله، وهذا منقلب ليس في سبيل الله، فأحب إلي أن تعطيها غيره. قال: وسألته عمن أعطي شيئا في سبيل الله فقضى رباطه، وأراد الانصراف إلى أهله، وقد بقي معه منه فضل؛ أينصرف به فيأكله في انصرافه أم في أهله؟ فقال: ما يعجبني ذلك، وأرى أن يعطيه غيره من أهل السبيل، أم يرده إلى الذي أعطاه إياه.