للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أم لا، فمن جعل ارتفاع القصاص بينهما في الجراح عبادة لا لعلة اتباعا لما يدل عليه قَوْله تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] ولم يوجب للمسلم أن يقتص من النصراني كما لا يوجب للنصراني أن يقتص من المسلم، ومن جعل ارتفاع القصاص بينهما لعلة الحرمة رأى ذلك حقا للمسلم في ألا يقتص منه النصراني لحرمته وفي أن يقتص هو منه إن شاء، إذ لا حرمة له عليه بل له هو الحرمة عليه بإسلامه قياسا على القصاص منه في القتل، وهو قول ابن نافع، ويأتي على مذهبه أن للحر أن يقتص من العبد في الجراح كما يقتص له منه في القتل، وسيأتي في سماع سحنون وعبد الملك من كتاب القذف القول فيما ينتقض به عهد المعاهد مما لا ينتقض به إن شاء الله وبالله التوفيق.

[مسألة: المجنون يكسر أمتعة الناس أعليه غرم]

مسألة قال سحنون أخبرني أشهب وابن نافع قال: سئل مالك عن المجنون المغلوب على عقله يخرج إلى السوق فيكسر أمتعة الناس ويفسد، أترى عليه لذلك غرما في ماله؟ قال: نعم، فقلت له: أفتراه شبيها بجراحه؟ فيكون ذلك خطأ يغرم لمن أصاب بذلك الجرح؟ قال: نعم أراه شبيها به، قيل له وتراه إذا أفاق يتوضأ؟ قال: نعم.

قال محمد بن رشد: لابن القاسم في رسم مرض من سماعه من كتاب طلاق السنة مثل قول مالك هذا، وله في رسم العشور من سماع عيسى بعد هذا من هذا الكتاب خلافه أن ما أصابه المجنون المطبق والصبي الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها من الأموال أنه هدر بخلاف الدماء، وفي كتاب ابن المواز، قول ثالث في المسألة أن ما أصابه في الدماء والأموال هدر كالبهيمة التي جرحها جبار، ولكل قول من الأقوال الثلاثة وجه، وقد مضى بيانه في رسم مرض من سماع ابن القاسم من كتاب طلاق السنة، ولا اختلاف في أن

<<  <  ج: ص:  >  >>