قال محمد بن رشد: وهذا كما قال لأنه إذا دفع إليهما المال يعملان به جميعا فهما شريكان في العمل به وكل واحد منهما مطلوب بجميعه لأنه حميل عن صاحبه بما يلزمه من أداء نصفه، فما دفعه أحدهما من المال إلى صاحبه فهو متأد عنهما، وما بقي من المال فهو عليهما حتى يبرءا منه أو يدعيان فيه هلاكا فيصدق من ادعاه منهما مع يمينه وإن سلمه أحدهما إلى صاحبه لينفرد بالعمل به دونه فهو ضامن له، وبالله التوفيق.
[مسألة: المقارضين يقتسمان المال فيتلف من أحدهما ويؤدي الآخر]
مسألة قلت: أرأيت المقارضين يقتسمان المال فيتلف من أحدهما ويؤدي الآخر هل يلزم الذي أدى غرم ما لم يؤد صاحبه أو لا ضمان عليه فيما تلف بيد صاحبه؟ وهل يكونان متعديين حين اقتسما المال؟ وما الأمر فيه؟ قال: نعم، يلزم الذي أدى ما تلف من صاحبه.
قال محمد بن رشد: أوجب ابن القاسم على المقارضين ضمان المال إذا اقتسماه، وهو قول ابن الماجشون في الوصيين يضمن كل واحد منهما على مذهبهما ما بيده وما بيد صاحبه إن تلف شيء من ذلك يضمن ما تلف بيده لرضاه برفع يد صاحبه عنه، ويضمن ما بيد صاحبه بتسليمه إليه، وكذلك المودعان والمستبضعان.
ووجه ذلك: أنه حمل الأمر على أن رب المال أراد أن يكون المال عند أحدهما برضا الآخر إذ لا يمكن أن يكون جميع المال عند كل واحد منهما فوجب إذا اقتسماه أن يضمناه وإن سلماه إلى أحدهما لم يضمناه.
ولسحنون في نوازله بعد هذا في الوديعة والقراض أنهما إن اقتسماهما لم يضمناهما، وكذلك البضاعة على مذهبه؛ إذ لا فرق في ذلك بين القراض والوديعة والبضاعة وهو قول أشهب وابن عبد الحكم في