[مسألة: يوصي لرجل بعشرة دنانير فيموت ولا يترك إلا مالا غائبا]
مسألة قال يحيى: وسألته عن الرجل يوصي لرجل بعشرة دنانير، فيموت ولا يترك إلا مالا غائبا أو ديونا على الناس، فيريد الموصى له بالعشرة أن يتعجلها، ويقول الورثة: إذا تقاضينا أعطينا لها، قال: يخير الورثة بين أن يعجلوها وبين أن يقطعوا له بالثلث، فينظر قدوم الغائب، أو يتقاصاها لنفسه، بمنزلة الإخوة للأم في فريضة ثلثهم.
قال محمد بن رشد: قوله: ولا يترك إلا مالا غائبا أو ديونا على الناس، معناه لا يترك مالا تخرج العشرة من ثلثه، إلا بماله من المال الغائب أو الديون؛ فقوله: يخير الورثة بين أن يعجلوها وبين أن يقطعوا له بالثلث، معناه أنهم يخيرون بين أن يعجلوها من الناض الذي ترك، وإن أحاطت به، وبين أن يقطعوا له بالثلث، ولو لم يكن له ناض أصلا لما لزمهم أن يعجلوا له العشرة من أموالهم، وإنما عليهم أن يعجلوها له من أول ما يقبض من الديون، وأن يبيعوا فيها أعجل ما يمكن بيعه من العروض، وكذلك يبيعون فيها من الديون إن كانت مؤجلة.
هذا معنى قول ابن القاسم في هذه الرواية، وهو مذهبه في المدونة؛ لأنه قال فيها: إن الرجل إذا أوصى للرجل من النقد بما لا يحمله ثلث ما ترك من العين، خير الورثة بين أن يعجلوا له ذلك، أو يقطعوا له بالثلث من جميع مال الميت، ومثله حكى أصبغ عنه وعن مالك وأصحابه كلهم في صدر سماعه بعد هذا من هذا الكتاب، وهو قول سحنون، قال: إذا أوصى الرجل بوصية، وماله ناض وغرض، فأراد الموصى له أخذ الناض، وقالت الورثة: لا نرضى في العروض، ونأخذ العين، فإنه يقال لهم: إن شئتم أن تسلموا العين، وإلا فأخرجوا الثلث كله، وزعم أنه أصل من العلم جسيم قال: وهو بمنزلة العبد يجني جناية