للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهدكم أني طلقت امرأتي يوما من الدهر، فقد ارتجعها، ثم طلقها بعد تطليقه، ولم يكن شأنه ارتجاعها، هل يكون ذلك له أم لا حتى يرتجعها بعد الطلاق بقول مستقبل؟ قال: هذا مثل الأول، ولا أرى ذلك ثابتا من قوله حتى يرتجعها قبل الطلاق، ولا يكون ارتجاع قبل الطلاق فيما أرى، والله أعلم.

قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الرجعة لا تكون إلا بنية بعد الطلاق، لقول الله عز وجل: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] ، والفرق من جهة المعنى بين الطلاق قبل النكاح، والرجعة قبل الطلاق، أن الطلاق حق على الرجل، والرجعة حق له، فالحق الذي عليه يلزمه متى ما التزمه، والحق الذي له، ليس له أن يأخذه قبل أن يجب له، ولا اختلاف في أنه ليس لأحد أن يأخذ حقا قبل أن يجب له، وإنما اختلفوا في إسقاطه قبل وجوبه، كالشفعة له أن يسقطها قبل وجوبها على اختلاف، وليس له أن يأخذها قبل وجوبها باتفاق، وبالله التوفيق.

[مسألة: يكتب إلى امرأته بطلاقها]

مسألة قال: وسمعته يسأل عن الذي يكتب إلى امرأته بطلاقها، فقال: أراه من ذلك في سعة مخيرا، حتى يخرج الكتاب من يده، فإذا خرج من يده، كان عندي بمنزلة الإشهاد، ورأيت أن قد لزمه طلاقها، بمنزلة الذي يكتب كتابا بصدقة، فهو مخير فيه حتى يخرج من يده، ينظر ويستخبر، فإذا خرج من يده، كان بمنزلة ما لو أشهد عليه، ورأيت ذلك ماضيا عليه؛ لأن الذي يكتب الكتاب هكذا بشيء هو كتبه يقول: انظر واستخبر فيه، فهو يكتب، وهو يريد النظر والاستخبار، فأنا أرى هذا هكذا، إلا أن يكون حين كتب

<<  <  ج: ص:  >  >>