أن لا يقدر الذي يعالج المجانين على قتل الشيطان بالكلام دون أن يراه، أو يباشر قتله بما أجرى الله العادة من أنه يقتل به الأحياء، فإذا كان قتله إياه من المستحيل المحتم الذي لا يدخل تحت قدرته، لم يصح أن يقال ذلك جائز كما قاله الذي مثله باللص، فأنكر عليه قوله مالك إلا أن ذلك لا يجوز، كما ذهب إليه العتبي بدليل إدخاله على ذلك الحديث الذي ذكره من سماع موسى.
والخبل والصرع والتخبط الذي يعتري المجنون مرض من الأمراض يصيبه من وسوسة الشيطان إياه وتفزيعه له، وترويعه إياه بما يسوله له، ويلقيه في نفسه؛ إذ لا يقدر له على أكثر من الوسوسة التي أمر الله بالاستعاذة منها في سورة الناس، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الحمد لله الذي لم يقدر منكم إلا على الوسوسة» وقال: «إن الشيطان لا يفتح غلقا، ولا يحل وكأ ولا يكشف أما» ولكون ما يصيب المجنون من الصرع من الأمراض، قال مالك في هذه الرواية: لا أعلم في هذا من الطب، يريد أن الطبيب هو الذي يداوي الأمراض، ويعالج الأدواء بما أنزل الله لها من الدواء، لا هؤلاء الذين يكذبون فيما يزعمون من قتلهم الشيطان، وبالله التوفيق.
[: اشترى جارية مسلمة ولما وجدت معه قال أنا مسلم ثم علم أنه نصراني]
ومن سماع ابن دينار من ابن القاسم وسئل عن نصراني اشترى جارية مسلمة، ولما وجدت معه قال: أنا مسلم، ثم علم أنه نصراني، وقال: أنا نصراني، وإنما قلت: أنا مسلم لمكانها، قال: يؤدب، قيل له: أيبلغ به السبعين؟ قال: الأدب في هذا دون ذلك.