قال محمد بن رشد: قول مالك إنه يحلف: ما له عنده شيء وما الذي ادعى عليه إلا باطلا هو في المعنى مثل ما في المدونة في الشهادات منها، ومثل ما حكى أصبغ أنه حضر ابن القاسم وقد حكم بأن يحلف: ما أسلفه شيئا؛ لأن حلفه: ما الذي ادعى عليه إلا باطلا يستغرق كل دعوى ويكفي من كل لفظ، وقد قيل: إنه يقبل منه أن يحلف: ما له عنده حق، وقع الاختلاف في ذلك في آخر سماع أصبغ من كتاب النذور، وفي غيره من المواضع، والأظهر أنه لا يقبل منه إلا أن يحلف: ما أسلفه شيئا؛ لأن الطالب يقول بمفهوم قوله: إنه يريد أنه قضاني، وهو لو صرح بأنه قضاني لكان القول قولي إني ما قبضت منه شيئا، فيريد أن يأتي بكلام يتحيل فيه أن يكون القول قوله في القضاء، وهو قوله: ما لك عندي شيء، وما أشبه ذلك من الألفاظ.
والأصل عندي في هذا الاختلاف اختلافهم في اليمين هل هي على نية الحالف أو على نية المحلوف له، فمن رأى اليمين على نية الحالف قبل من الحالف أن يحلف: ما له قبله حق؛ لأنه يقدر إن استحلفه ما أسلفه [شيئا] أن ينوي أنه ما أسلفه شيئا هو عليه باق له، فلا يكون كاذبا في يمينه كما لو حلف ما له قبله حق، فلما كان يقدر على هذا لم يكن لإيجاب اليمين عليه أنه ما أسلفه شيئا كبير فائدة، ومن رأى اليمين على نية المحلوف له لم يقبل من الحالف إلا أن يحلف ما أسلفه شيئا؛ لأنه إن حلف على ذلك، وقد كان أسلفه فقضاه كان آثما كاذبا، فلزم ذلك لينكل عن اليمين فيكون القول قول الطالب، وبالله التوفيق.
[: يستدين فيزرع وقد استأجر فيه أجراء ثم يعجز فيه فيستدين ثم يفلس]