للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعم من أنه أراد كليهما فيما يحكم به عليه من الطلاق، إلا أن يأتي مستفتيا من أجل أنها نية مخالفة لظاهر لفظه؛ لأن من حلف ألا يفعل شيئين فقد حلف ألا يفعل واحدا منهما في ظاهر لفظه، وبالله التوفيق.

[حلف بطلاق امرأته ألا يجاور أباه وهو يستطيع]

ومن كتاب تأخير صلاة العشاء في الحرس وسئل: عن رجل حلف بطلاق امرأته ألا يجاور أباه وهو يستطيع، قال: هذا عندي أن يستأذي عليه السلطان أو حلف عليه لأنه مستطيع لترك مجاورته أباه، أو يحلف عليه أبوه أن يكون ذلك مخرجا له، وليس للسلطان أن يجبر على مثل هذا أحدا، وقال له: كم لك مذ حلفت؟ قال: منذ عشرة أيام، قال: كأني رأيته يرى إن كان أقام معه أن يكون قد حنث، وكأني رأيته يرى ذلك.

قال محمد بن رشد: وهذا كما قال له إنه يحنث بمجاورته وإن استعدى عليه أبوه السلطان مع ذلك كله، إذ لا يجبره السلطان على مجاورته. ولو أجبره على ذلك وأكرهه بما يصح الإكراه به وإن كان لا يجوز له ذلك لكان له مخرجا من يمينه، ولو ادعى أنه نوى ألا يقدم عليه أبوه أو يحلف عليه، يستعدي عليه السلطان لما صدق في شيء من ذلك مع قيام البينة عليه باليمين، ولم يجعل حرجه في عقوق أبيه بتحنيثه بيمينه عدم استطاعة لأنه لما حلف على ترك مجاورته فقد قصد إلى إسخاطه.

ولو قصد بيمينه البر بأبيه مثل أن يكون له زوجة يخشى أن تضربه لقرب الجوار لكان له مخرج في يمين أبيه عليه في ذلك، والله أعلم، وقوله كأني رأيته يرى إن كان أقام معه أن يكون قد حنث معناه إن كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>