[المرأة من الأعراب زوجت ابنة لها وهي صغيرة محتاجة في بعض المياه]
من كتاب أوله شك في طوافه قال: وسئل مالك عن المرأة من الأعراب زوجت ابنة لها وهي صغيرة محتاجة في بعض المياه، فكتب إليه صاحب ذلك الماء يسأله عن ذلك وقال: إن أمها تقول: إنما زوجتها إنها كانت محتاجة تسأل النساء وتطوف عليهم فزوجتها نظرا لها، وقد عرف الناس ذلك من شأنها أنها كانت ساعية محتاجة تطوف.
قال مالك: ابنة كم هي؟ قال: ابنة عشر سنين، قال: والجارية راضية؟ قال: نعم راضية بذلك، قال: أراه نكاحا جائزا.
وقد «بنى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعائشة وهي ابنة تسع سنين أو عشر سنين» قال: ولو كانت صغيرة لم أر ذلك نكاحا، قال سحنون: محمل هذه المسألة على أن الأم وكلت من زوجها من الرجل، وهي مسألة ضعيفة.
قال محمد بن رشد: إنما قال سحنون في هذه المسألة: إنها مسألة ضعيفة، وإن تأول فيها أن الأم وكلت من زوجها؛ إذ لا يجوز للأم أن توكل من يزوج ابنتها إلا إذا كانت وصية، ولم يراع ذلك مالك على أصله في رواية ابن القاسم عنه، أن المرأة الدنية يجوز أن يزوجها الرجل الأجنبي، ولا أدنى في المرتبة من امرأة ساعية تطوف بالأبواب، فإذا زوجها الأجنبي جاز ولم يكن لتقديم الأم في ذلك تأثير، وأجاز النكاح وإن كان مذهبه أن اليتيمة لا يجوز تزويجها قبل البلوغ، لما أخبرته أنها خشيت عليها الضيعة فرأى ذلك كما قالت إذ كانت في سن من يوطأ مثلها، ورأيت العشر سنين ونحوها ممن يوطأ مثلها، بدليل بناء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وهي في هذا السن، قال: ولو كانت صغيرة - يريد في سن لا يوطأ مثلها ولا يشتهى - لم أر ذلك نكاحا، إذ لا يخشى