قال محمد بن رشد: معنى هذه المسألة أنها ادعت طلاق البتات وهي بائنة منه بصلح أو غيره، ولذلك لم يصدقها، ولو ادعت ذلك وهي في عصمته ثم صالحها فأرادت أن تتزوجه قبل زوج وقالت: كنت كاذبة وأرادت الراحة منه لصدقت في ذلك ولم تمنع من مراجعته ما لم تذكر ذلك بعد أن بانت منه كذلك لمحمد بن المواز في كتابه، وكذلك وقع في سماع أصبغ من طلاق السنة أن دعواها طلاق البتة، كان، وقد صالحها، وكذلك لو مات فأكذبت نفسها وطلبت ميراثها يكون ذلك لها إن كان دعواها طلاق البتات وهي في عصمته، قاله ابن القاسم في سماع سحنون من كتاب طلاق السنة، وقد قال بعض رواة أهل المدينة: إنها لا تصدق ولا يكون لها الميراث، وفرق سحنون بين الميراث ورجوعها إليه فقال: إنها تصدق في الميراث، ويكون لها ولا تمكن من الرجوع إليه إلا بعد زوج، فهي ثلاثة أقوال إذا كان دعواها طلاق البتات وهي في عصمته، ولابن القاسم في سماع أصبغ من طلاق السنة أنها تحلف إذا شهد عليها بإقرارها شاهد واحد خلاف قوله هاهنا إلا أنه قال: إنها إن أبت أن تحلف لم تمنع من الرجوع إليه بحكم وقاله أصبغ، ولا معنى لإيجاب يمين لا يوجب النكول عنها حكما، والقياس على قول من أوجب عليها اليمين إذا نكلت عنها أن لا تمكن من الرجوع إليه إلا بعد زوج، وبالله التوفيق.
[النصراني تسلم امرأته قبل أن يدخل بها إلا أنه ربما خلا بها عند أهلها]
ومن كتاب النسمة قال ابن القاسم في النصراني تسلم امرأته قبل أن يدخل بها إلا أنه ربما خلا بها عند أهلها، قال: إذا أسلمت امرأته ولم يسلم مكانه فلا رجعة له عليها، وهي تطليقة بائنة وهي أملك بأمرها إذا لم يدخل بها، وإن كان قد أصابها عند أهلها ثم أسلمت ولم يسلم فلها الصداق كله المعجل والمؤجل، فإن أسلم وهي في عدتها فهو أولى بها، وإن أسلمت قبل أن يدخل بها أو يصيبها فلا رجعة له عليها وإن أسلم إلا بنكاح جديد ولا عدة عليها.