يؤخروا ترك القسمة حتى يحل ما عليه من الدين إذا دعا إلى ذلك صاحب الدين، وإن كان الدين عرضا أو طعاما لم يكن للميت أن يعجله، كما لا يلزم صاحب الدين أن يؤخر دينه إلى حلول أجله إذا دعا إلى ذلك الورثة، وقالوا: نحن نؤخر قسمة التركة إلى أن يحل أجل حقه؛ لأن كل واحد منهم يحتج بما يخشى من تلف التركة فلا يؤخر الدين إلى حلول أجله، إلا بتراضي جميعهم على ذلك، وكذلك التفليس سواء، إلا أن يشاء صاحب الدين في التفليس أن يخلي بين الغرماء وبين اقتسام ماله ويؤخر بدينه فيتبعه به في ذمته إذا حل الأجل، فيكون ذلك له، ولا فرق في هذا بين العين والعرض، وإنما خص ابن القاسم العروض بالذكر على سؤال السائل، ولا إشكال في أن العين بذلك الحكم أحرى، وبالله التوفيق.
[يكون أجيره يسأله عشرة دراهم فيسأله الأجير أن يعطيه بها ثوبا فيقول ما عندي]
ومن كتاب أوله سن رسول الله وسئل مالك: عن رجل يكون أجيره يسأله عشرة دراهم فيسأله الأجير أن يعطيه بها ثوبا، فيقول: ما عندي، ولكن إن شئت اشتريت لك بها ثوبا. فكرهه مالك، وقال: أنا أخبرك في هذا بالصواب، يشتري الثوب لنفسه ثم يبيعه إياه بعد، يعني: الأجير.
قال محمد بن رشد: إنما كره ذلك مالك مخافة أن يعطيه الثوب من عنده ولا يشتريه له، فيدخله فسخ الدين في الدين، ولو اشتراه له بحضرته لجاز، وهذا ظاهر ما في المدونة، وروي ذلك عن سحنون، وقد قيل: إن ذلك جائز -وإن لم يشتره بحضرته- إذا كان معه حاضرا في البلد، وهو قول مالك وسحنون في رسم صلى نهارا ثلاث ركعات من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع والوكالات، وفي إجازة ذلك وإن اشتراه بحضرته