قال محمد بن رشد: جائز لمن لم يحج أن يعتمر في أيام التشريق، والأصل في جواز ذلك حديث أبي أيوب الأنصاري، وهبار بن الأسود؛ إذ قدما على عمر بن الخطاب يوم النحر، وقد فاتهما الحج بإضلال أبي أيوب رواحله، وخطأ هبار بن الأسود العدة، فأمرهما عمر بن الخطاب أن يتحللا من إحرامهما بعمرة، ويقضيا حجهما عاما قابلا، ويهديا على ما وقع من ذلك في الموطأ، فلمن لم يحج من أهل الآفاق أن يهل بعمرة من ميقاته في أيام التشريق، سواء حل منها في أيام التشريق أو بعد أيام التشريق، قاله ابن القاسم في المدونة، فقوله هاهنا وفي المدونة أيضا؛ لأن هؤلاء إنما يحلون بعد ذلك، يريد أيام التشريق ليس بتعليل صحيح، وأما من حج فلا يجوز له أن يعتمر حتى تغيب الشمس من آخر أيام التشريق، والأصل في ذلك حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حين «أمرها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقضاء عمرتها بعد انقضاء حجها» ، فإن أهل بعمرة في آخر أيام التشريق قبل أن تغيب الشمس بعد أن رمى وأفاض وحل من إحرامه؛ لزمه الإحرام، قاله في الحج الأول من المدونة، قال في كتاب ابن المواز: ولا يعمل من عمل العمرة شيئا حتى تغيب الشمس، فإن عمل فعمله باطل، وهو على إحرامه، فإن وطئ بعده أفسد عمرته، ووجب عليه قضاؤها بعد تمامها والهدي.
قال محمد بن رشد: والقياس إذا كان قد حل من إحرام الحج، وانعقد إحرام العمرة، أن يصح عملها، قال ابن المواز: وأما إن أحرم بعمرة في اليوم الثاني من أيام التشريق، وإن كان قد تعجل وحل من إحرامه، فلا يلزمه الإحرام.
[مسألة: يفيض في آخر أيام التشريق قبل أن تزول الشمس]
مسألة وسئل هل رخص لأحد من الحاج أن يفيض في آخر أيام التشريق قبل أن تزول الشمس؟ قال: ليس فيه رخصة.