قال محمد بن رشد: قوله فيمن هلك وقبله ودائع للناس وقراض لا يعرف شيء منها بعينه وعليه ديون إنهم يتحاصون جميعا فيما ترك إلا أن يوصي في مال فيجوز لمن أوصى له به من قراض أو وديعة لمن لا يتهم عليه صحيح لا اختلاف في شيء من ذلك كله أعلمه. وأما قوله: إنه لا يصدق في التفليس فيما أقر به من قراض أو وديعة ففي ذلك اختلاف كثير، قيل: إن ذلك جائز يريد مع يمين المقر لهم، وهو أحد قولي مالك في رسم العرية من سماع عيسى، وقيل: إنه لا يجوز، وهو قول ابن القاسم ههنا، وفي آخر كتاب الوصايا الثاني من المدونة، وفي رسم البيع والصرف من سماع أصبغ، وفي رسم الأقضية من سماع أشهب، وقيل: إنه يجوز إن كان على الأصل بينة ولا يجوز إذا لم تكن على الأصل بينة، وهو قول ابن القاسم في سماع أبي زيد، وقد قيل في رواية أبي زيد: إنها مفسرة لأحد القولين، ولا اختلاف أنه لا يجوز إقراره بعد التفليس بدين لأجنبي ولا لغيره. وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في رسم الشجرة تطعم بطنين في السنة من كتاب تضمين الصناع، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لامرأتي علي من مهرها كذا وكذا وله ولد من غيرها أو ولد منها]
مسألة قال: قال مالك: ومن قال: لامرأتي علي من مهرها كذا وكذا، قال: ذلك في مرضه وله ولد من غيرها أو ولد منها لم يتهم أن يولج إليها ذلك دون ولده.
قال محمد بن رشد: قوله: ولد من غيرها أو ولد منها كلام مجمل لأن الولد يقع على الصغير والكبير وعلى الواحد والجميع، وعلى الذكر والأنثى، والحكم في ذلك يختلف، ويختلف أيضا باختلاف حاله معها، فالذي يتحصل عندي في هذه المسألة على منهاج قول مالك وأصحابه - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أن حال الرجل المقر لامرأته معها لا يخلو من ثلاثة أحوال: أحدها أن يعلم منه ميل إليها وصبابة بها، والثاني أن يعلم منه