قراءة الحالف كتاب المحلوف عليه إفهام له شيئا مما في نفسه من كلامه وإنما فهمه لما في نفس المحلوف عليه من الكلام فذلك بمنزلة ما لو كلمه المحلوف عليه ولم يراجعه عليه ووجه تحنيثه هو أن الحالف ألا يكلم رجلا قد أراد قطيعته، وقراءته لكتابه من باب الصلة له وفي ذلك بعد.
[مسألة: حلف ألا يأكل جبنا فأكل لبنا]
مسألة قال ابن القاسم: وليس الجبن من اللبن ولا اللبن من الجبن ولا السمن من الزبد ولا الزبد من السمن، كل هذا مفترق على حدة فمن حلف ألا يأكل جبنا فأكل لبنا فلا شيء عليه، ومن حلف ألا يأكل لبنا فأكل جبنا فلا شيء عليه، ومن حلف ألا يأكل زبدا فأكل سمنا فلا شيء عليه، ومن حلف ألا يأكل سمنا فأكل زبدا فلا شيء عليه، ومن حلف ألا يأكل لبنا فلا بأس أن يأكل الجبن والزبد والحالوم والسمن.
قال محمد بن رشد: هذا صحيح، ومذهب ابن القاسم أنه إذا حلف ألا يأكل شيئا سماه عينه أو لم يعينه فأكل شيئا مما يخرج منه لم يحنث إلا أن يكون قال منه فيحنث إن كان شيئا مما يخرج منه ما عدا خمسة أشياء الشحم من اللحم، والنبيذ من التمر، والزبيب والعصير من العنب، والخبز من القمح والمفرق من اللحم فإنه يحنث بها عينها أو لم يعينها، قال منه أو لم يقل منه، وأما إذا حلف ألا يأكل شيئا فأكل ما خرج منه ذلك الشيء فلا شيء عليه عينه أو لم يعينه. قال منه أو لم يقل منه، وقد مضى هذا المعنى في رسم أوصى وبعض ما في ذلك من الخلاف.