فيما تلف منهم على هلاكه بأمر يعرف، فلا يكون عليهم ضمان، مثل أن ينشق زق زيت، أو تهلك راحلته، أو ما أشبه هذا من الوجوه التي (يدل) على هلاكها أمر يعرف، فلا شيء عليه.
قيل: فالخياط والصباغ إذا سرق بيته، أيصدق؟ قال: ما أدركت الناس إلا على أنهم يضمنونهم، ولا يجعلونه في مثل هذا مثل ما ينشق من الحمال أو يهلك.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إنما ضمن الأكرياء الطعام لحاجة الناس إليهم في ذلك كالصناع، إلا أن يظهر الهلاك بانشقاق زق أو عثار راحلة وما أشبه ذلك، وليس ذلك كدعوى الصناع السرقة؛ لأن ذلك لا يعرف إلا بقولهم، وإنما هو كالفران يأتي بالخبز محروقا، أو الصباغ يأتي بالثوب محروقا فيسقط عنه الضمان؛ لأن النار تغلبه، فأشبه عثار الأجير الذي لا يقصده، وبالله التوفيق.
[: دعوى المكتري ضياع الدابة المكتراة]
ومن كتاب أوله سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال مالك، في دابة تكاراها رجل إلى موضع ثم أتى فزعم أنها نفقت - قال مالك: إن كان في جماعة رأيت أن يكلف البينة، وإن كان وحده أحلف ولا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول عليها مستوفى في رسم باع شاة من سماع عيسى من كتاب جامع البيوع، فلا معنى لإعادته.