يصح منهم القصد، أشبهوا البهيمة التي لا يصح منها القصد، فكانت جناياتهم هدرا، ووجه القول الثالث: أنه لما كانت الأموال يضمنها العاقل بالقصد وغير القصد، من أجل أنه ممن يصح منه القصد، وجب ألا يضمنها من لا عقل له، من أجل أنه ليس ممن يصح منه القصد.
ولما كانت الدماء والجراح يفترق فيها من العاقل القصد من غير القصد، وجب أن يحكم فيها على من لا يعقل، بحكم من يعقل، إذا لم يقصد، إذ لا يصح ممن لا يعقل، وبالله التوفيق.
[مسألة: طلقت المرأة فادعت حملا أنفقت على نفسها من مالها]
مسألة قال مالك: إذا طلقت المرأة فادعت حملا، أنفقت على نفسها من مالها. فإذا تبين حملها، أُعطيت ما أنفقت، فإن طاوعها فأنفق عليها طائعا، ثم تبين له أنه ليس بها حمل، لم أر عليها غرما، وإن قضى عليه السلطان بذلك رأيت أن يغرم.
قال محمد بن رشد: قد قيل: إنه يرجع عليها وإن أنفق عليها بغير قضاء، وهو قول ابن الماجشون وروايته عن مالك واختيار محمد بن المواز.
وقيل: إنه لا رجوع له عليها، وإن أنفق عليها بقضاء، وهو قول مالك في كتاب النكاح لابن المواز. ولهذه المسألة نظائر كثيرة، تفوت العد. منها مسألة كتاب الشفعة من المدونة في الذي يثيب على الصداق وهو يظن أن الثواب يلزمه.
ومنها مسألة كتاب الصلح منها في الذي يصالح عن دم الخطأ، وهو يظن أن الدية تلزمه. ومنها مسألة الصداق، في سماع أصبغ من كتاب النكاح. ومنها ما في سماع أصبغ من كتاب الشهادات، وما في سماع عيسى ونوازل سحنون من كتاب الهبات والصدقات.
[مسألة: المرأة الحامل إذا طلقت فطلبت الكسوة]
مسألة وقال مالك: في المرأة الحامل إذا طلقت فطلبت الكسوة، قال: ينظر في ذلك إلى ما بقي لها من الأشهر، ثم ينظر إلى قدر