قال مالك: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَعْض الْحَوَائِطِ وَهُم يَأبرُون النَّخْلَ وَيُلَقِّحُونَهَا، فَقَالَ:" مَا عَلَيْكُمْ أَلّاَ تَفْعَلُوا " قالَ: فترك الناس الإبار في ذلك العام، فلم تطعم النخل، فشكوْا ذلك إلى رسول اللًّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:" إِنَّما أنَا بَشَر، فَاعْمَلُوا بِمَا يُصْلِحُكُم» .
قال محمد بن رشد: التلقيح وضع الذكور في الأنثى. وقد روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة، يقرب بعضها من بعض منها: أنه قال: «مَا أَظنّ هَذَا يُغْنِي شَيْئاً وَلَوْ تَرَكُوهُ لَصَلُحَ، أَوْ لَا لِقَاحَ، أَوْ مَا أَرَى اللِّقاح شَيْئاً فتركوه فشيص فأخبر به رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " مَا أنَا بِزَارِعٍ وَلَا صِاحِبِ نَخْلٍ، لَقِّحُوا أو قال: " إنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنّاً، وَالظَّنُّ يَخْطِئُ وَيُصِيبُ أَو لا تؤاخِذُوني بِالظَّنِّ، وَلَكِن إذَا حًدّثْتًكُم عَنِ اللَّهِ شَيْئاً فَخُذُوهُ، فَإنِّي لَنْ أكْذِبَ عَلَى اللَّهِ» . فقال الطحاوي فيما روي من ذلك كله: إنه ليس باختلاف تعارض، وإنما معناه أنه قال ما قال من ذلك لقوم بعد قوم، فحكى كل واحد منهم ما سمع، ولم يكن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ممن يعاني ذلك ولم يكن من بلد فيه نخل، فاتسع له أن ينفي ما توهم بالظن استحالته، وهو أن يكون الِإناث من غير الحيوان يأخذن من الذكور شيئاً، ولم يكن ذلك إخبار منه عن وحي. هذا معنى قول الطحاوي والذي أقول به في ذلك إنه إنما قال للذين رآهم يأبرون النخل ويلقحونها ما قال لهم مما روي عنه في ذلك أنه قاله لهم لما علمه من أنه لا تأثير لشيء من