أهله وولده وترك إضاعتهم واجب عليه، بخلاف الغزو والجهاد في الموضع الذي يكون فيه الجهاد فرضا على الكفاية؛ لأن فروض الأعيان لا تترك لفروض الكفاية؛ لأن الفرض على الكفاية إذا قيم به سقط عمن سواه وكان له نافلة، ولا يصح ترك فريضة لنافلة، وبالله التوفيق.
[الغاصب يغتصب السلعة فيستهلكها وماله حرام]
في الغاصب يغتصب السلعة فيستهلكها وماله حرام وفي رجل غصب رجلا متاعا وليس كسبه إلا الغصب والحرام، ولم يجد الرجل متاعه بعينه، فيحكم على الغاصب بثمنه، كيف يكون أخذه؟ أيتصدق به أم يتركه؟ قال أصبغ: يتبعه به دينا ولا يأخذه، أيأخذ ما في أيدي اللصوص مما اقتطعوا على الناس وهو يعرفهم ليست لهم أموال؟ ولا يحل أخذها. أرأيت لو أن لصا قطع على قوم فأخذ متاعهم فتضرع إليه رجل منهم فرده عليه فلم يجد متاعه بعينه فأعطاه غيره أيأخذه؟ قال لا يحل له ذلك، قال: فإن رؤساء اللصوص ربما فعلوا هذا بالناس في الرد والعوض كما يسمع وفيما يسمع، فلا يحل لأحد أن يأخذ من غير متاعه شيئا.
قال محمد بن رشد: قول أصبغ هذا فيمن غصبه غاصب ليس كسبه إلا الغصب متاعا فلم يجده عنده بعينه فحكم له عليه بثمنه إنه لا يحل له أن يأخذه، هو على أصل مذهبه في أن من خالط ماله حرام فهو كله حرام، لا يحل أن يعامل فيه ولا أن يؤكل منه شيء. وقد مضى بيان هذا من مذهبه في سماع عبد الملك، فكيف بمن لم يكن كسبه إلا الغصب. وإنما قال إنه يتبعه به دينا رجاء أن يفيد مالا حلالا بميراث أو هبة فيجوز له عنده أن يأخذ من ذلك المال الحلال ثمن سلعته التي غصبه إياها. والذي يوجبه القياس والنظر أنه يجوز له أن يأخذ قيمة متاعه الذي غصبه إياه أو جحده إياه وإن كان مستغرق